تحية حب و إخلاص .. تحية إجلال و إكبار .. بطاقة شكر من القلب إلى أولئك الرجال و النساء المبدعون .. أساتذة ثانوية الحسن الخياط إنزكان ..و تحية حب و تقدير للأستاذ القدير مراد رهناوي

الأربعاء، 14 مارس 2012

الحرية





 الحرية
مــقـدمــــة:
       مما لامناص منه أن مفهوم الحرية من المفاهيم  الفلسفية الأكثر  جمالية ووجدانية، فلهذا السبب اتخذت دائما  شعارا للحركات التحررية والثورية ومختلف المنظمات الحقوقية في العالم، باعتبارها قيمة إنسانية سامية تنطوي على مسوغات  أخلاقية واجتماعية وأخرى وجدانية وجمالية. إلا أنها تعد من المفاهيم الفلسفية الأكثر جدلا واستشكالا.
فقد طُرحت الحرية بالقياس دوما إلى محددات خارجية؛حيث كانت مسألة الحرية تطرح في الفكر القديم قياسا إلى القدرة  والمشيئة الإلهية واليوم تُطرح قياسا إلى العلم الحديث بشقيه ،سواء علوم الطبيعة أم الإنسان.
فماذا تعني الحرية:هل الحرية أن نفعل كل ما نرغب فيه؟أم أنها محدودة بحدود حرية الآخرين؟وبناء على ذلك أين يمكننا أن نموقع الذات الإنسانية؟ هل هي ذات تمتلك حرية الاختيار وبالتالي القدرة على تحديد المصير؟ أم أنها ذات لها امتدادات طبيعية خاضعة لحتميات متعددة؟ ثم هل الحرية انفلات من رقابة القانون وأحكامه؟ أم أنها رهينته؟
1. الحرية والحتمية:
إذا كانت الحرية تتحدد بقدرة الفرد على الفعل والاختيار،فهل ستكون هذه الحرية مطلقة أم نسبية؟وهل ثمة حتميات وضرورات تحد من تحقيق الإرادة الحرة لدى الإنسان؟
يرى سبينوزا، أن  الحرية، أو بالأحرى الشعور بالحرية مجرد خطأ ناشئ مما في غير المطابقة من نقص وغموض؛ فالناس يعتقدون أنهم أحرار لأنهم يجهلون العلل التي تدفعهم إلى أفعالهم، كما يظن الطفل الخائف انه حر في أن يهرب، ويظن السكران انه يصدر عن حرية تامة، فإذا ما تاب إلى رشده عرف خطأه. مضيفا أنه لو كان الحجر يفكر، لاعتقد بدوره أنه إنما يسقط إلى الأرض بإرادة حرة. وبذلك تكون الحرية الإنسانية خاضعة لمنطق الأسباب والمسببات الذي ليس سوى منطق الحتمية.
أما كانط فينطلق  في معرض بحثه لمفهوم الحرية،من فكرة تبدو له من المسلمات والبديهيات، مفادها أن الحرية خاصية الموجودات العاقلة بالإجمال؛ لأن هذه  الموجودات لا تعمل إلا مع فكرة الحرية. غير أن أي محاولة من العقل لتفسير إمكان الحرية تبوء بالفشل، على اعتبار أنها معارضة لطبيعة العقل من حيث أن علمنا محصور في نطاق العالم المحسوس وأن الشعور الباطن لا يدرك سوى ظواهر معينة بسوابقها، وهذه المحاولة معارضة لطبيعة الحرية نفسها من حيث أن تفسيرها يعني ردها إلى شروط وهي علية غير مشروطة. كما ينص كانط على التعامل مع الإنسان باعتباره غاية، لا باعتباره وسيلة، ذلك لأن ما يعتبر غاية في ذاته ، هو كل ما يستمد قيمته من ذاته،  ويستمتع بالتالي بالاستقلال الذاتي الذي يعني استقل

ال الإرادة. يقتضي هذا المبدأ بان يختار كل فرد بحرية الأهداف  والغايات التي يريد تحقيقها بعيدا عن قانون التسلسل العلي الذي يتحكم في الظواهر الطبيعية.
في حين يرى كارل بوبر ضرورة إدخال مفهوم الحرية إلى دائرة النقاشات العلمية ،وخلصها من التصورات الحتمية.فالعالم الفيزيائي حسبه مفتوح على إمكانيات إنسانية عديدة ،وهي إمكانيات حرة تتميز بالإبداع والابتكار. فالأفعال والأحداث ليست من محض الصدفة، وإنما نابعة من الإرادة الحرة للفرد الذي يعيش وسط العوالم الثلاثة.
غير أن  سارتر يعتبر أن الحرية لا تتحدد فقط في الاختيار،وإنما في انجاز في انجاز الفرد لمشروعه الوجودي ،مادام أنه ذاتا مستقاة تفعل وتتفاعل،أما الإحساسات والقرارات التي يتخذها ،فهي ليست أسبابا آلية ومستقلة عن ذواتنا،ولا يمكن اعتبارها أشياء وإنما نابعة من مسؤوليتنا وقدرتنا وإمكانيتنا على الفعل.
2.  حرية الإرادة:
إذا كانت الحرية نابعة من قدرة الفرد على الاختيار والفعل فان الهدف الأساسي لها يتجلى أساسا في تحصيل المعرفة وبلوغ الحقيقة. يميز الفارابي بين الإرادة والاختيار:فالإرادة هي استعداد يتوفر على نزوع نحو الإحساس والتخيل،في الوقت ذاته يتميز الاختيار بالتريث والتعقل،ومجرد ما يحصل الإنسان المعقولات بتمييزه بين الخير والشر،فانه يدرك السعادة الفعلية وبالتالي يبلغ الكمال.
ولا يختلف اثنان في اعتبار سارتر فيلسوف الحرية بامتياز، وكيف لا وهو الذي  نصب نفسه عدوا لذودا للجبريين. لقد بذل هذا الفيلسوف قصارى جهده للهبوط بالإنسان إلى المستوى البيولوجي المحض. فالحرية هي نسيج الوجود الإنساني،كما أنها الشرط الأول للعقل "إن الإنسان حر،قدر الإنسان أن يكون حرا ، محكوم على الإنسان لأنه لم يخلق نفسه وهو مع ذلك حر لأنه متى ألقي به في العالم، فإنه يكون مسؤولا عن كل ما يفعله". هكذا يتحكم الإنسان –حسب سارتر- في ذاته وهويته وحياته، في ضوء ما يختاره لنفسه بإرادته ووفقا لإمكاناته.
أما ديكارت فيعتبر الإرادة أكمل وأعظم ما يمتلك الإنسان لأنها تمنحه القدرة على فعل الشيء أو الامتناع عن فعله،فهي التي تخرجه من وضعية اللامبالاة وتدفعه إلى الانخراط في مجال الفعل والمعرفة والاختيار الحر.
أما نيتشه، فقد رفض الأحكام الأخلاقية النابعة من التعاليم المسيحية، معتبرا أنها سيئة وأنها أكدت، تأكيدا زائفا على الحب والشفقة والتعاطف، وأطاحت ،في المقابل، بالمثل والقيم اليونانية القديمة التي اعتبرها أكثر صدقا وأكثر تناسبا مع الإنسان الأرقىsuperman"". فهذه الأخلاق – بالمعنى الأول – مفسدة تماما للإنسان الحديث الذي يجب أن يكون "روحا حرة" ويثبت وجوده ويعتمد على نفسه ويستجيب لإرادته. فقد اعتبر بوجه عام أن الحقيقة القصوى للعالم هي الإرادة، ومثله الأعلى الأخلاقي والاجتماعي هو " الرجل الأوربي" الجيد، الموهوب بروح حرة، والذي يتحرى الحقيقة بلا ريب، ويكشف عن الخرافات والترهات.
3.  الحرية والقانون:
إذا اعتبرنا أن الحرية مقترنة بالإرادة الحرة وبقدرة الفرد على التغلب على الاكراهات والحتميات ،فكيف يمكن الحد من الحرية المطلقة؟وما دور القانون في توفير الحرية وترشيد استعمالها؟
لما كان الإنسان قد ولد وله الحق الكامل في الحرية والتمتع بلا قيود بجميع حقوق ومزايا قانون الطبيعة ، في المساواة مع الآخرين ، فإن له بالطبيعة الحق، ليس في المحافظة على حريته فحسب، بل أيضا في أن يقاضي الآخرين، إن هم قاموا بخرق للقانون ومعاقبتهم بما يعتقد أن جريمتهم تستحقه من عقاب. من هذا المنطلق  وُجد المجتمع السياسي، حيث تنازل كل فرد عن سلطته الطبيعية وسلمها إلى المجتمع في جميع الحالات التي لا ينكر عليه فيها حق الالتجاء إلى القانون الذي يضعه المجتمع لحمايته.
لا يعول توماس هوبز كثيرا على القانون، فهو يعتقد أن كينونة الحرية في الإنسان هي الدافع الأساسي لإعمال حريته وليس القانون، مضيفا أنه إذا لم يكن الإنسان حرا بحق وحقيقة، فليس هناك موضع للإدعاء بأن هذا الإنسان يمكنه أن يحظى بالحرية  فقط عندما يكون تحت نظام قانوني معين... إذ تبقى الحرية عند هوبز نصا يمتلك معنى واسعا، ولكنه مشروط بعدم وجود موانع لإحراز ما يرغب فيه الإنسان، فالإرادة أو الرغبة لوحدها لا تكفي لإطلاق معنى الحرية. وهوبز كغيره من رواد الفكر السياسي الغربي، يؤمن بأن حرية الإنسان تنتهي عند حرية الآخرين، فقد رفض الحرية الزائدة  غير المقيدة، إذ أكد بأن الحرية ليست الحرية الحقيقية لأنها خارجة عن السيطرة، بالأحرى سيكون الإنسان مستعبدا من خلال سيادة حالة من الخوف المطرد المستمر. وهكذا ستتعرض  المصالح الشخصية الخاصة وحتى الحياة نفسها للرعب والذعر، من قبل الآخرين أثناء إعمالهم لحرياتهم. فالحرية المطلقة تقود إلى فقدان مطلق للحرية الحقيقية.
وفي نفس الاتجاه يذهب  مونتسكيو حيث يرى أن الحرية تنطوي على العديد من المعاني والدلالات ،وتقترن بأشكال مختلفة من الممارسات السياسية .فالحرية في نظره ليست هي الإرادة المطلقة ، وإنما الحق في فعل يخوله القانون دون المساس بحرية الآخرين.
غير أن  أردنت Arendtربطت الحرية بالحياة اليومية وبالمجال السياسي العمومي ذلك أن اعتبار الحرية حقا يشترك فيه جميع الناس، يفترض توفر نظام سياسي وقوانين ينظمان هذه الحرية، ويحددان مجال تعايش الحريات. أما الحديث عن حرية داخلية(ذاتية)، فهو حديث ملتبس وغير واضح. إن الحرية، حسب أرندت، مجالها الحقيقي والوحيد هو المجال السياسي، لما يوفره من إمكانات الفعل والكلام، والحرية بطبعها لا تمارس بشكل فعلي وملموس، إلا عندما يحتك الفرد بالآخرين، إن على مستوى التنقل أو التعبير أو غيرها، فتلك هي إذن الحرية الحقيقية  والفعلية في اعتقادها.
خاتمة:
يتضح لنا جليا من خلال ما سبق  أن مفهوم الحرية  مفهوم ملتبس، فكلما اعتقدنا أننا أحطنا بها، انفلت منا ، فقد تعددت النظريات من فلسفة لأخرى بل من فيلسوف لآخر فهناك من ميزها عن الإرادة الفارابي، وهناك من رأى أنها تحوي زخما كبيرا من الدلالات والمعاني مونتيسكيو  ، وهناك كذلك من ربطها بالحياة اليومية ولم يعزلها عن حياتنا السياسية كما ذهبت إليه أرندت.

مفهوم السعادة

السعادة



الإطار العام للدرس :
تنتمي السعادة لمبحث القيم الذي أولا الفلاسفة المسلمون اهتماما خاصا لذلك فإن اختبارات تناول المفهوم من منضور فكر فلسفي إسلامي أمثلة الرغبة بالتعرف على الثراث الاسلامي من جهة ونظرا لخصوبة والشراء (الحق) الذي يميز فلاسفة الاسلام بتناولهم لهذا المفهوم من زوايا مختلفة عبرت عنها تصوراتهم المتبانية معرفيا ومينافيزفيا وقيميا وهكذا يمكن معالجة هذا المفهوم إلى مستويين – مستوى كيفي ويتعلق بطبيعة السعادة من حيث مدى مادتها أو عقليتها أو وجدانيتها – مستوى الذات ومدى فرديتها وجماعيتها أي الطبيعة العملية والعلادقية للسعادة .
I- من الدلالات إلى الاشكالية :
1) الدلالة العامة : إذا تأملنا في كل التمثلات التي يعطيها عامة الناس لمفهوم السعادة فإننا نجدها لاتتجاوز المدلول المادي الذي يتجه إلى الإرضاء والاشباع الحسي الشيء الذي يفرض علينا التساؤل إن كان المطلب مادي لتحقيق السعادة ؟ .
2) الدلالة اللغوية ورد في لسان العرب لابن منضور أن الجدر الثلاثى سحد تسثنفا منه ثلاث ألفاظ تشترك في نفس المغنى : الساعد – السعدان والسعد، فلما عدا الإنسان دراعا مساعدا القبلية رئيسها وسائد المزرعة نهر الذي تربوي منه أمام لفظ السعدان فيدل على تباث من أطيب فراعي الإبل مادام ربط + أما لفظ السعد فيدل على الطيب بالرائحة الزكية. من هذا التعريف معنين إثنين الحفاظ في البعد المادي (الإرضاء والإشباع والارتواد) ثم توسيعه للإضافة بعد جديد هو حسن التدبير والرئاسة من خلال العقل فساعد القبيلة ورشدها مدير لشؤونها أي عقلها، الذي لديوسها وهناك لايمكن تصور السعادة منذ الغبار بدون اجتماع وبدون عقل يديل هذا الاجتماع مما يدفعنا إلى التساؤل ؟ ماهو أساس السعادة هل العقل أم الحس ؟ .
3- الدلالة الفلسفية : ترتبط السعادة في الفلسفة مع مجموعة من المفاهيم الأخلاقية مثل الميز، العدل، العقل... كما تتحدد في المقابل الشر، الظلم، القبح وبشكل عام تعرف السعادة على أنها "حالة إرضاء إشباع وارتياح "الذات تتسم بالقوة والنبات وتتميز عن الذي – تستنتج من هذه التعاريف السابقة أن السعادة تتخد في بعدين : - بعد يرتبط بطبيعة ذلك الإرضاء هل هو مادي أم عقلاني وبعد يرتبط بالكاتب العقلاني الإجتماعي للذات هكذا يمكن طرح من التساؤلات ماطبيعة ذلك الإرضاء ؟ هل هو مادي غرائزي أم عقلي ؟ هل السعادة تتحقق بالإتساع ورغبات الجسد ؟ أم تلبية مطالبة العقل ؟ أم أن الأمم تتجاوز ذلك لترتبط كحاجيات الروح ؟ بتعبير آخر هل السعادة روبية وجدانية أم هي عقلية خالصة ؟ ماهو الطريق الصحيح ؟ هل هو طريق العقل والحكمة الفلسفية ؟ أم هو طريق الوجد والعرفان ؟ هل يمكن فصلها عن الفرح واللذة ؟ ومن ثم هل هي لحظية آنية أم دائمة ومستمرة ؟ هل تتحقق السعادة وفق اختبار ووجود فردي ؟ أم أن الوصل إليها بدعم الجماعة التي ينتمي إليها.
II- السعادة بين إرضاء الرغبات البدن وتحقيق مطالب العقل.
تمهيد : يندرج التفكير في موضوع السعادة ضمن سياق فلسفي أفلاطوني أرسطي ينتصر النفس على الجسد حيث يعلن من شأن النفس العاقلة بينما يتم احتفار البدن والنفس الشهوية.
الإشكالية فما هو أساس السعادة ؟ هل تتحقق السعادة بإشباع رغبات البدن ؟ وإذا كان الأمر كذلك فما الذي سيميز الإنسان من الحيوان ؟ ألا يمكن القول أن السعادة البدنية زائلة وفانية ؟ وبالتالي فإن السعادة لاتتحقق إلى بتحصيل العلوم والمعارف ؟ بتعبير آخر أليست السعادة التي تتحقق في العقل أبقى وأشد من شهوات التفس ؟ وماهي الوسيلة لتحقيقها حل من خلال نهج طريق الفلسفة والحكمة أم من خلال طريق الاسراف والتصوف.
ا) مجزال بين الرازي يرفض الرازي الموقف الذي يعرف السعادة بنصفها لإرخاء الغرائز وإشباع للشهوات فالسعادة لاتحقق بإرضاء الشهوات لأن الحيوان يشارك الإنسان فيها إذ ليس للإنسان فيها فضل عن الحيوان بل إنه أقوى من الإنسان في هذا الباب كما أن اللذة الحسية ليست من التملات بل هي ناتجة عن الحاجة التي هي دينية وبهيمية وبالتالي فإن فضيلة الإنسان التي تتحقق بها سعادته هي في تحصيل العلوم المعارف والأخلاق النبيلة لا بالأكل والشرب .
2) ابن مسكوية : وقد رفض ابن مسكوية من جهة اختزال السعادة في إشباع الملذات الحسية واصفا من يتبنى هذا الموقف بالبهيمية والرعاع الذين سيجدون النفس الشريفة (العاقلة) ويجعلونها في خدمة النفس الشهوية، وفي المقابل يعني مسكوية من شأن السعادة العقلية لأنها سعادة (شريفة لاتمل) على حد قوله، سعادة تتميز بالكمال والتمام، يختص بها الإنسان وحده باعتباره كائنا يتميز عن سائر الكائنات بالعقل، الشيء الذي بحل السعادة لاتكون لغير العاقلين، وجعل أنبل الناس وأكثرهم حظا من كان نصيبه من النفس العاقلة أكثر وانصرافه إليها أتم وأوفر. ولن يتحقق التمال الإنساني إلا بالوجود القوتين :   - القوة العالمة، يتم من خلالها تحصيل العلوم والمعارف ويعتبر العلم الإلاهي أرقى هذه العلوم. حيث يتحقق الكمال النظري.
 - القوة العاملة : وهي التي تقوم بالتدبير الأخلاقي لأفعال الناس حتى تتنظم أمورهم ويصلح شأنهم وهي التي تحقق التمال العملي.  فإذا اجتمع هذان الكريمان فقد تحققت السعادة القسوى وتحقق كمال الإنسان واستحق أن يلقب بالحكيم أو الفيلسوف.
خلاصة : ينتهي الفلاسفة المسلمون إلى برط السعادة بالأعمال العقلي وتحقيق اللذة العقلية فهي أعلى شأنا وأرفع مقاما من اللذة البدنية الذي تبقى محتقرة ومهمشة. لكن ماهو موضوع السعادة العقلية وماهو طريقها ؟ .
تكمن فضيلة النفس العاقلة التي تتحقق من خلالها سعادتها في التشوق إلى العلوم والمعارف وبحسب إسراره في طلبها والتدرج في تحصيلها بحيث تكون المعرفة الإلاهية أسمى درجات المعرفة حيث يتحقق الكمال الإنساني، فإذا وصل الإنسان إلى هذه المرتبة فقد وصل إلى آخر السعادات وأقصاها أبو نصر الفرابي :
يرى الفرابي السعادة إنما تنال بالأشياء الجميلة وهذه الأخيرة لاتصبر ممكنة إلا بصناعة الفلسفة والتي تحصل بجودة التمييز وقوة الإدراك الذي من خلاله نميز بين الحق والباطل وبالصناعة التي تعنينا على ذلك هي صناعة المنطق الذي تقف عند الحق فتعتنقه ويقف عند الباطل فنتجنبه وبذلك تكون الفلسفة حسب الفرابي هي السبيل الوحيد لنيل السعادة باعتبارها أعظم الخيرات وأكمل الغابات التي يتشوق لها إنسان.
-        طريق المصوف : يرى أتباع هذا المذهب أن السعادة هي سعادة القلب والروح.
ففيها تنكشف الحقيقة الإلاهية وتتحقق المشاهدة القلبية لا العقلية في الحصرة ويتحقق الإتصال في الذات الربانية والفناء فيها ذلك أن المتوصفة هم أولياء الله والعارفون به والمنقطعون إليه الذين تعلقت إرادتهم بمحبته ومشاهدته بالقلوب تمثل إذن لحظة اكتشاف الأسرار الإلاهية في إحدى تجلياتها عند المتوصفة .
مقدمة :      
يتحدث النص هو لصاحبه الفيلسوف الإسلامي ابن مسكوية المعروف باهتمامه بالأخلاق وله كتاب في هذا المجال سماه تحديد الأخلاق وتطهير الأعراق الذي طرح فيه وجهة نظره حول دور الأخلاق في تهديد السلوك الإنساني من أجل تحقيق كمال الإنسان وسعادته وهو يقدم في هذا النص أطروحته حول موضوع السعادة متسائلا عن السبل المؤدية إلى كمال الإنسان وسعادته، وهو يقدم في هذا النص أطروحته حول موضوع السعادة متسائلا، عن السبل المؤدية إلى كمال الإنسان وسعادته، هل تتحقق السعادة من خلال الزهد في متاع الدنيا واعتدال الناس وعدم مخالطتهم ؟ وفي هذه الحالة كيف تظهر الفضيلة التي بدونها لاتتحقق السعادة ؟ كيف نميز بين الخير والشر بغيات الجماعة ؟ كيف نتعلم الفضائل الإنسانية، الإجتماعية بدون مخالطة الناس ؟ ألا يمكن القول أن الفضيلة التي بها تنال السعادة لاتظهر إلا بملازمة الناس والإجتماع بهم ؟ .
يرى مسكوية أن العفة الفضيلة مثل العفة والسخاء والعدل التي هي أساس السعادة لايمكن أن تظهر في الزهد والخلوة والاغتزال الناس في المغازات والجبال ذلك أن من لم يخالف الناس وسياكنهم تكون أفعاله مثل أفعال الموتى لايمكن وصفها لا بالخير ولا بالشر وعليه يعتقد مسكوية أن الفضلية التي تصل بها إلى آخر السعادات حيث يتحقق كمال الإنسان لاتتم إلا بمشاركة الناس ومساكنتهم وقد قسم النص إلى فقرتين تحدث في الفقرة الأولى عن الموقف الصوفي الذي يميل إلى الزهد والعزلة مبينا أسباب رفضه لهذا الموقف أما في الفقرة الثانية فقد طرح فيها تصوره للسعادة الذي يقوم على أساس الأعمال الفاضلة والتي لن تتحقق إلا من خلال الإجتماع بالناس ومعاشرتهم وقد بدأ الكاتب نصه سؤال شنكاري الهدف منه هو ضغط الموقف الصوفي مستعملا مجموعة من الصيغ والروابط النمط فيه مثل أدوات الإستنتاج إذن ولذلك وأدوات التأكيد بل والنفي ليست من لم، أدوات الشرط، إما، إزا، إنما، كما استعمل التشبيه حينما شبه سلوك المتصوفة بسلوك الموتى والجمادات .
2- الفرابي : يرى الفرابي من جهته أن كل إنسان محتاج لتدبير قوامهم وبلوغ أفضل كمالاته إلى جماعة يقوم كل واحد منهم بشيء مما يحتاج إليه فلايمكن للإنسان أن ينال كماله وسعادته إلا بالإجتماع بجماعة يسودها التعاون والتآزر يسمى الفرابي هذا النوع من الإجتماع الذي يتعاون على نيل السعادة "الإجتماع الفاضل" أما الجماعة التي يقصد الإجتماع فيها التعاون للضفر بالسعادة "المدينة الفاضلة" فهي بمثابة الجسد من جسم الإنسان الذي يتكون من أعضاء مختلفة تتعاون على حفظ توازن الجسد وصفان بقاءه، فكذلك الشأن بالنسبة للجماعة التي لاغنى لأعضاءها عن التعاون والتآزر لنيل السعادة ولكي تكون هذه الجماعة فاضلة لا بد أن يقودها حاكم فاضل يجمع بين فضيلتي الحكمة والشريعة.
خلاصة : نستخلص إذن أن الإختيار العقلاني والاجتماعي والمدني القائم على الإجتماع والتعاون هو طريق تحصيل السعادة في الأرض عند مسكوية والفرارابي .
خاتمة : هناك 3 خلاصات يمكن الخروج بها من هذا الدرس :
-        أن السعادة لاتتحقق إلا في العقل وهو الموقف الذي يمثله الفلاسفة المسلمين المتأثرين بالموروث الفلسفي اليوناني.
-        أن السعادة لاتتحقق إلا تلبية مطالب القلب والروح وهو اتجاه المصوفة أو الصوفي.
-        أن السعادة لاتتحقق بالعزلة والاختلاء وإنما بالإجتماع والتعاون.

المفهوم الأول الواجــب




الواجب
تقديم
يعتبر مفهوم الواجب قطب رحى الفلسفة الأخلاقية ، إذ يشكل إحدى  المقولات الأساسية التي انبنى عليها التفكير الفلسفي في الشق الأخلاقي إلى جانب قيم أخرى كالسعادة و الحرية... والحديث عن الواجب باعتباره أحد هذه القيم يدفعنا للتساؤل:ما هو الواجب ؟وما هو الأساس الذي يقوم عليه؟هل يقوم على الالتزام الداخلي المؤسس على الوازع الأخلاقي؟أم أنه يقوم على سلطة الإكراه والإلزام الخارجي بغض النظر عن مصدره وطبيعته؟وإذا كان الواجب يقوم على الالتزام الداخلي ألا يقتضي ذلك ضرورة وجود وعي أخلاقي من شأنه أن يشكل الأساس الذي يقوم عليه الواجب ـ إلى جانب أسس أخرى كالقوانين الوضعية؟وعندما نتحدث عن الواجب ،ألا يحق لنا أيضا أن نتساءل :هل الواجب هو واجب تجاه الذات أم تجاه الآخرين؟
المحور الأول: الواجب و الإكراه
الحديث عن مفهوم الواجب يجرنا للتساؤل عما إذا كان إلزاما أم التزاما ؟بمعنى آخر هل ما نقدمه من واجب هو صادر عن رضى وطيب خاطر؟أم لأننا أرغمنا عليه؟
يذهب  كانط إلى اعتبار الواجب هو القيام بالفعل احتراما للقانون ـالقانون الذاتي الأخلاقي القائم على الخير الأسمى، والمؤسس على العقل والإرادة ـ وعلى هذا النحو يكون المرجع الأساسي الذي يجب أن ينطلق منه الجميع هو العقل لأنه كوني بالنسبة للجميع. والحكم الأخلاقي إذ يصدر عن الإرادة الخيرة الحرة ـ التي مصدرها العقل هي الأخرى ـ فهو أيضا يمكن توصيفه بالكوني.
اهتجس كانط بهاجس الكونية وهو يبني فلسفته النقدية بشكل عام. لذلك وضع قوانين تتسع رقعتها لتشمل الإنسان كمفهوم، أي الإنسان في صيغته المطلقة، مركزا على العقل والإرادة  لطابعهما الكوني والمشترك.  فالعقل العملي إلى جانب الإرادة هما المشرعين لمفهوم الواجب، الذي هو إكراه، من حيث هو فعل خاضع للعقل،  وللحرية، لأن مصدره الإرادة.
في حين يرى هيجل أن الأطروحة الكانطية مجرد نزعة صورية تفتقر إلى التجلي والتجسد في الواقع. فالواجب مع هيجل ذو طابع مؤسساتي وغايته هي إقامة الدولة القوية التي يبتدئ بناء صرحها  من الفرد الذي ينصهر في الكل، بلغة صاحب الفينومنولوجيا " يجب على الفرد الذي يؤدي واجبه أن يحقق مصلحته الشخصية أو إشباعه وأن يتحول الشأن العام إلى شأن خاص بفعل وضعيته داخل الدولة. فان دل هذا فإنما يدل على أن المصلحة الخاصة تنصهر ضمن المصلحة العامة بحيث يضمن الفرد حمايتها. "فالفرد ـ يقول هيجل ـ الخاضع للواجبات سيجد في تحقيقها حمايته لشخصه ولملكيته باعتباره مواطنا، وتقديرا لمنفعته وإشباعا لماهيته الجوهرية، واعتزازا بكونه عضوا في هذا الكل؛ وبذلك يغدو الواجب مرتبطا بالدولة لا بالذات في وجودها الخالص.
وعلى النقيض من ذلك يرى غويو أن الفعل الأخلاقي لا يجب أن يصدر عن إلزام   و لا عن خوف من أي جزاء أو عقاب. إنما يكون هو فعلا تأسيسيا لمسار الحياة الذي لا ينتهي، و لغايات حددتها الطبيعة الإنسانية بوصفها فاعلية مطلقة نحو الحياة. لكن الواجب الأخلاقي من وجهة النظر الطبيعية هاته التي ليس فيها شيء غيبي، يرتد إلى القانون الطبيعي الشامل ، فمصدره هو الشعور الفياض "بأننا عشنا و أننا أدينا مهمتنا ...     و سوف تستمر الحياة بعدنا، من دوننا، و لكن لعل لنا بعض الفضل في هذا الاستمرار". و المنحى نفسه يتخذه نيتشه حين يؤسس الأخلاق على مبدأ الحياة بوصفها اندفاع خلاق محض. إذ الفعل الأخلاقي عند نيتشه ما يخدم الحياة ويزيد من قوتها و ليس ما يضعف الحياة و يزيد من محدوديتها. هكذا هو الخير و الشر عند نيتشه.
   
   المحور الثاني: الوعي الأخلاقي
يعتبر مفهوم الوعي الأخلاقي مفهوما مركزيا في الفلسفات الأخلاقية .فما هو الأساس الذي يقوم عليه هذا الوعي؟
يرى روسو أن الوعي الأخلاقي إحساس داخلي موطنه وجداننا فنحن نحسه قبل معرفته ،وهو الذي يساعدنا على التمييز بين الخير والشر ،والحسن والقبيح،وهي إحساسات طبيعية وفطرية يسعى الإنسان من خلالها إلى تفادي ما يلحق الأذى به وبالآخرين،ويميل إلى ما يعود عليه وعلى الآخرين بالنفع.الأمر الذي يقوي لديه الوعي الأخلاقي فيجعله متميز عن باقي الكائنات الحيوانية الأخرى.
أما هيجل فانع يعتبر الوعي الأخلاقي هو الربط بين الواجب والمبادئ الأخلاقية.وفي هذا الإطار يميز هيجل بين الواجب بمعناه القانوني والواجب بمعناه الأخلاقي ،فإذا كان النوع الأول من الواجب يعتبر نموذجيا،فان النوع الثاني يفتقر إلى الطابع النموذجي،وذلك لقيامه على الإرادة الذاتية.لكن ،سرعان ما سيعكس هيجل هذا الحكم ،عندما سيعتبر الواجب القانوني واجبا يفتقر إلى الاستعداد الفكري،على عكس الواجب الأخلاقي الذي يستدعي ذلك الاستعداد،ويقتضي أن يكون مطابقا للحق في ذاته.وعلى هذا النحو يصبح للواجب الأخلاقي قيمة باعتباره وعيا ذاتيا وليس إلزاما خارجيا.
وفي مقابل هذين التصورين ،يذهب نيتشه إلى رفض كل التزام أخلاقي ، سواء من الناحية المبدئية أو من ناحية ادعائنا القدرة على تعميمه على جميع الذوات.إن اعتبار الالتزام الأخلاقي أساسيا للفعل الأخلاقي ،هو في نظره هو جهل بالذات وسوء فهم لها، وخصوصا عندما تدعي تلك الذات إمكانية تعميمه على كل الذوات الأخرى. وكبديل لهذا الالتزام، يشدد نيتشه على الأنانية الذاتية، بما تعنيه من هناء وخنوع وتواضع، باعتبارها أساسا للسلوك الإنساني عوض ذلك الالتزام الأخلاقي الزائف.
   المحور الثالث: الواجب و المجتمع
ماهي الصلة التي يمكن إقامتها بين الواجب والمجتمع ؟ وكيف تتحدد واجبات الفرد تجاه المجتمع والآخرين؟
يرى دوركهايم بأن المجتمع يشكل سلطة معنوية تتحكم في وجدان الأفراد، و يكون نظرتهم لمختلف أنماط السلوك داخله، و من ثمة فالمجتمع يمارس نوعا من القهر و الجبر على الأفراد إذ هو الذي يرسم لهم معالم الامتثال للواجب الأخلاقي و النظم الأخلاقية عموما، و لما كانت الحال كذلك لأن الأفراد يُسلب منهم الوعي بالفعل الأخلاقي، لأنه لم يكن نابعا من إرادة حرة و واعية و إنما عن ضمير و وعي جمعيين هما المتحكمان في سلوكيات الأفراد.   و بالتالي فالمجتمع سلطة إلزامية "و التي يجب أن نخضع لها لأنها تحكمنا و تربطنا بغايات تتجاوزنا.
و من ثمة فالمجتمع يتعالى على الإرادات الفردية، و يفرض السلوكيات التي يجب أن يكون بما فيها السلوكيات الأخلاقية لأن المجتمع "قوة أخلاقية كبيرة. فيحقق الأفراد غاية المجتمع لا غاية ذواتهم و الإنصات لصوته الآمر لأن "تلك المشاعر التي تملي علينا سلوكنا بلهجة آمرة صارمة و ضميرنا الأخلاقي لم ينتج إلا عن المجتمع و لا يعبر إلا عنه.
أما ماكس فيبر فينصرف في حديثه عن الواجب الأخلاقي و الأخلاق عموما إلى القول بأن الأخلاق في مجملها تنقسم إلى نمطين اثنين: نمط أول موسوم بأخلاق الاقتناع ذات المظهر المثالي و المتعالي التي يكون فيها الفرد غير متحمل لأية مسؤولية، و إنما هي مركونة إلى المؤثرات و العوامل الخارجية التي لا يتدخل فيها الفرد، و إنما تطرح فيه بتأثير الأبعاد الدينية، بما هي صوت متعال يصدر أوامره، حيث إن " أخلاقية الاقتناع لن ترجع المسؤولية إلى الفاعل، بل إلى العالم المحيط و إلى حماقة البشر و إلى مشيئة الله الذي خلق الناس على بهذه الصورة.
و نمط ثان من الأخلاق هو ما أطلق عليه أخلاق المسؤولية، التي تصدر من الذات الفردية و تتأسس على الوعي الفردي الحر، إذ "نحن مسئولون عن النتائج التي تمكن توقعها لأفعالنا"، و لا ترجع المسؤولية إلى بعد خارجي قسري، لا علاقة لهذه الأخلاق بالقدر أو بالحظ.
لكن جون راولز صاحب نظرية العدالة في الفكر السياسي المعاصر، فيذهب الى أن الواجب الأخلاقي باعتباره نمطا من التضامن الذي يبنيه و يؤسسه الجيل السابق للجيل اللاحق، حتى يستطيع الجيل الأول  أن يوفر كل إمكانيات العيش الرغيد و المريح. فكل جيل يتحمل على كاهله مسؤولية  تأمين المستقبل الذي لا يجعل الجيل اللاحق في حالة من الضياع و التشتت.
و كثيرة هي المناحي التي ينبثق منها هذا الواجب الأخلاقي بما هو تضامن بين الأجيال ، و هذا التضامن هو خدمة للمجتمع عموما و تقسيم الثروات بشكل عادل.
خاتمة
انطلاقا مما سبق التطرق إليه من مواقف نجد أن الواجب الأخلاقي مفهوم يتراوح بين عدة أنظار و مواقف متباينة لا تتعارض أكثر مما تكون صورة بانورامية حوله، فمنهم من جعل من الواجب إرادة حرة و مطلقة في مقابل رأي معاكس إذ يرى النقيض، حيث جعل من الواجب الأخلاقي جزءا لا يجتزئ عن  سلطة من السلط  إما  نفسية أو دينية أو غير ذلك...

مدخل عام الأخلاق

المجزوءة الرابعة: الأخلاق   

مدخل عام:

لقد اهتم الفكر الفلسفي بسؤال الأخلاق، في إطار تحديد القيم العليا الموجهة للفعل البشري، ولتحديد الغايات من هذا الفعل، من منطلق أن سلوك الإنسان مشروط بمثل أخلاقية تنظم علاقته بالغير. هذه المثل مكنت الإنسان من التحرر من غرائزه وأهوائه(كالعنف...). وقد عمل المجتمع على ترسيخ هذه المثل والقيم، بل وجعلها ملزمة للأفراد كحتمية سلوكية. هكذا يمكن أن نتطرق لمفهوم الأخلاق في ارتباطاته الإشكالية بالفرد والمجتمع، وفي ارتباطاته الدلالية بمجموعة من المفاهيم المجاورة له، كمفهوم الواجب والسعادة والحرية، متسائلين: كيف يمكن للتقيد بالواجبات الأخلاقية أن يكون سبيلا لتحقيق سعادة الإنسان وحريته؟

الحق و العدالة



الحق و العدالة
تقديم إشكالي:

إذا كان مفهوم العدالة صفة لما هو عادل بحيث يحتوي معاني متعددة كالفضيلة الأخلاقية و التصرف وفق القوانين و التشريعات ، مما يجعل العدالة ترتبط بالمؤسسات القانونية و التشريعية التي تنظم العلاقات بين الأفراد كما يرتبط بالقيم الأخلاقية، فإن مفهوم الحق متعدد الدلالات حسب المجال الذي يستخدم فيه، ففي المجال المعرفي المنطقي يفيد الحق الحقيقة و اليقين و الإستدلال السليم أما في المجال الأخلاقي فإنه يفيد العدل و المساواة و الإنصاف مما يجعل مفهوم الحق و العدالة متذاخلين و ينفتحان و يتقاطعان مع مفاهيم أخرى مما يثير مجموعة من الإشكاليات منها:
-هل يتأسس الحق على ما هو طبيعي أم على ما هو قانوني؟
-ما هي طبيعة العلاقة بين الحق و العدالة؟ أيهما يتأسس على الآخر؟
-هل يمكن وجود الحق خارج القوانين و التشريعات؟
-إذا كانت العدالة هي تحقيق للمساواة و الإنصاف فهل تستطيع أن تنصف جميع الأفراد   داخل المجتمع؟

 الحق الطبيعي و الحق الوضعي:
هل ترتبط العدالة بالحق الطبيعي أم بالحق الوضعي؟

نص:طوماس هوبس:

الإشكال:هل للعدالة ارتباط بالحق الطبيعي أم بالحق الوضعي؟ 

أطروحة النص: يؤكد طوماس هوبس أن العدالة ترتبط بالحق الوضعي و تتعارض مع الحق الطبيعي لأن الحق الطبيعي يحتكم إلى القوة و يخضع لتوجيهات الغريزة و الأهواء مما يجعله  حقا يقوم على الحرية المطلقة التي تبيح للفرد القيام بكل مامن شأنه أن يحفظ حياته )العدوان ،العنف ، الظلم(أما الحق الوضعي فهو حق يحتكم إلى القوانين و التشريعات المتعاقد عليها و يخضع لتوجيهات العقل مما يجعله يحد من الحرية المطلقة لكنه يضمن حقوق الأفراد و يحقق العدل و المساواة ،و بذلك يخلص هوبس إلى أن العدالة ترتبط بالحق الوضعي القانوني أي بالحرية المقننة بالقوانين و التشريعات و تتعارض مع الحرية المطلقة التي تستند إلى القوة و الغريزة.

نص: جان جاك روسو:

الإشكال: هل يمكن تحقيق العدالة خارج القوانين أم تشترط الإرتباط بها؟

أطروحة النص: يميز جان جاك روسو بين حالة الطبيعة التي يخضع فيها الأفراد لأهوائهم و رغباتهم بحيث تطغى عليهم الأنانية و الذاتية و يحتكمون إلى قوتهم ، و بين حالة التمدن التي يمتثل فيها الأفراد لتوجيهات العقل و يحتكمون إلى القوانين و التشريعات في إطارغقد اجتماعي يساهم الفرد في تأسيسه و يلتزم باحترامه و طاعته و يمارس حريته في ظله.
إذن فالعقد الاجتماعي يجسد الإرادة العامة التي تعلو على كل الإرادات الفردية، فالإمتثال و الخضوع للعقد الإجتماعي هو خضوع للإرادة الجماعية التي تحقق العدل و المساواة و تضمن الحقوق الطبيعية للأفراد و بذلك فالإمتثال للقوانبن التي شرعها العقد لا تتعارض مع حرية الفرد مادام العقد الإجتماعي هو تجسيد لإرادة الأفراد.
فماهي طبيعة العلاقة بين الحق و العدالة و أيهما أساس الآخر؟    

العدالة اساس الحق:

ماهي طبيعة العلاقة بين العدالة و الحق؟أيهما أساس الآخر؟
إشكال النص: ماهي دلالة العدالة؟ هل تقوم العدالة على أساس الحق و الفضيلة ؟
أطروحة النص: يحدد أرسطو مفهوم العدالة باعتبارها هي التصرف وفق القوانين و التشريعات و تحقيق المساواة في مقابل الظلم الذي يعتبر خرقا للقوانين و منافاة للمساواة  ليؤكد أن العدالة هي حد وسط بين الإفراط و التفريط ، و قد اعتمد أرسطو أسلوبا حجاجيا وظف خلاله التقابل و التمييز و التأكيد، فهو يميز بين نوعين من العدالة : عدالة بمفهومها الأخلاقي أي الإمتثال للقوانين و تحقيق الفضيلة الأخلاقية و عدالة بمعنى المساواة و الإنصاف و تنقسم إلى عدالة توزيعية تقوم على توزيع الخبرات الإقتصادية بين الأفراد بالمساواة حسب طاقاتهم و أعمالهم ، و عدالة تعويضية تقوم على تنظيم المعاملات بين الناس على أساس القوانين و التشريعات لمنع الظلم وتصحيح السلوك الذي ينحرف عن القانون ، ليخلص بعد ذلك إلى أن غاية العدالة هي تحقيق الفضيلة باعتبار العدالة أم الفضائل.

نص: باروخ سبينوزا:
 
الإشكال الذي يجيب عنه النص:
ماهي الغاية من الديموقراطية و هل يمكن اعتبار العدل أساس الحق؟
أطروحة النص: يعتبر سبينوزا أن هناك مبدأ تقوم عليه الدولة الديموقراطية و هو تحقيق الأمن و السلام للأفراد من خلال الإحتكام للقوانين التي وضعها و شرعها العقل و تم التعاقد عليها ، و بذلك يتم تجاوز قوانين الطبيعة التي تحتكم إلى الشهوة و الغريزة و تستند إلى القوة الفردية مما يؤدي إلى انتشار الفوضى و الظلم و العدوان و الكراهية و الصراع ، فالقانون المدني الذي تجسده الدولة كسلطة عليا هو قانون من وضع العقل و تشريعه، لذلك يجب على الأفراد الإمتثال له و الخضوع له حفاظا على حريتهم و حقوقهم لأنه يجسد العدالة و يسمح بأن يأخد كل ذي حق حقه بذلك تتحقق المساواة و الإنصاف من خلال ضمان حقوق الجميع و عدم التمييز بينهم سواء على اساس طبقي أو عرقي أو جنسي أو غيرهم ؟ إذا كانت العدالة هي تحقيق المساواة و الإنصاف و إعطاء كل ذي حق حقه فهل يمكن تحقيق الإنصاف لجميع الأفراد داخل المجتمع ؟

 العدالة بين المساواة و الإنصاف:

إذا كانت العدالة هي تحقيق المساواة فهل يمكن تحقيقه لجميع الأفراد داخل المجتمع؟

نص:أفلاطون:

الإشكال: ماهي دلالة العدالة ؟ كيف يمكن تحقيقها على مستوى الفرد و المجتمع؟
الأطروحة : يبين أفلاطون من خلال تحقيق الإنسجام و التكافل بين قوى النفس القوة العاقلة القوة الغضبية ،القوة الشهوانية.
تتحقق السعادة النفسية إما على المستوى الإجتماعي فالعدالة هي تحقيق الإنسجام و التكامل بين الفئات و الطبقات المكونة للمجتمع الحكام الجنود عامة الناس حين يقوم كل واحد بالوظيفة التي هيأته طبيعته لها دون تذخله في شؤون غيره يتحقق التكامل و الإنسجام فتتحقق العدالة والفضيلة و بذلك تتحقق سعادة الدولة و المدينة.
لكن هل تتحقق المساواة المطلقة بنصف جميع الأفراد ألا يلحق الظلم و الجور في حق البعض؟ 


نص: ماكس شيلر: 

الإشكال : هل المساواة المطلقة إنصاف و عدل أم ظلم و جور؟
أطروحة النص: ينطلق ماكس شيلر من انتقاد الإتجاهات الأخلاقية الحديثة التي تدعو إلى المساواة المطلقة بين الأفراد بغض النظر عن اختلاف طبائعهم و تفاوت قدراتهم و مؤهلاتهم، ليؤكد خلافا لذلك أن المساواة التي تحقق العدل والإنصاف هي التي تراعي اختلاف الناس في الطبائع و التفاوت في القدرات و المؤهلات فهي إعطاء كل ذي حق حقه اعتمادا على قدراته و مؤهلاته و عطائه.
البنية الحجاجية: يعتمد النص آلية النقد و التفنيد فهو ينتقد الإتجاه الأخلاقي الحديث الذي يساوي بين الناس مساواة مطلقة دون مراعاة للإختلافات الطبيعية و التفاوت و التحايز في القدرات و المؤهلات و يؤكد أن هذه المساواة نابعة من حقد وكراهية من طرف الضعفاء و المتخلفين، اتجاه الأقوياء والمتفوقين ليخلص إلى أن المساواة الحقيقية هي التي تحقق الإنصاف اعتمادا على مراعاة الإختلافات و التمايزات بين الأفراد حسب طبائعهم و مؤهلاتهم الفكرية و العقلية و الجسدية.

مفهوم العنف







تقديم المفهوم:
  يبدو أن مظاهر العنف كثيرة، فهو يمارس بأشكال متنوعة. هناك العنف الفزيائي من ذلك مثلا القتل و الاغتيال، لكن هناك العنف السيكولوجي أو الأخلاقي، مثل التعذيب عن طريق العزل. كما يوجد العنف الاقتصادي من خلال استغلال الطبقات أو البلدان الضعيفة. مثلما، أن هناك عنف الأنظمة التوتاليتارية ذو الأهداف السياسية و عنف العنصرية... إلخ و اللائحة طويلة إلى درجة تدفع إلى إثارة السؤال عما إذا كان هذا التعدد في صور العنف و أشكاله يعبر عن واقع ثابت أم أن استعمال مفهوم وحيد لا يعكس الإختلافات بين مظاهره ليس من الناحية الكمية فحسب. و إنما أيضا الجوهرية. إنه يوجد في كل مكان. و يمكن استعماله كموضوع للبروباغندا و إلا كعنصر من عناصر تاكتيك للوصول إلى السلطة و المحافظة عليها. إذا أدى العنف إلى تدمير الوجود برمته أو جزء منه، فإن العنف المنجز قد يكون أداة في خدمة مشروع يمكن ألا يكون عقلانيا، لكن شروط استعماله تبدو قابلة للعقلنة.
يمكن أن نسلم بصفة أولية أن العنف يوجد كلما كان هناك إلحاق للأذى بالغير بصفة جسدية أو نفسية، سواء أخذنا الغير كفرد أم كجماعة أو مجموعة بشرية.
إذا اعتبرنا هذا التعريف جيدا يجب أن نتصور العنف كواقعة تارخية  و يتحدد بإعتباره كمحرك أو دينامو للتاريخ من وجهة نظر معينة،  و يقوم على استخدام القوة بشكل غير مشروع لسبب من الأسباب. فكيف يمكن مراقبة العنف و التحكم فيه إذا كان يجب أن نبدأ بقبول حضوره الجذري في الإنسان؟
لقد أنتجت البشرية على مدى التاريخ آليات و وسائل للحد من العنف حيث يعتبر الدين و الثقافة كعنصرين كابحين للعنف بشكل معنوي و أخلاقي، على أن أهم تقنية للتحكم في العنف تتمثل في التنظيم السياسي للمجتمع ينبني فيه هذا الأخير في صورة مؤسسات حديثة تجتث العنف و تجعل استخدامه حكرا على جهاز الدولة. و في هذا السياق تبرز الديموقراطية كنظام يتطلع إلى القضاء على العنف و تدبير الخلافات و الصراعات السياسية بكيفية حضارية تقوم على قوة القانون و ليس على قانون القوة: فإلى أي حد نجحت الدولة الحديثة في القضاء على العنف؟ و هل من حق الفرد أو الجماعة ممارسة العنف من أجل فرض ما يعتقد أنه حق و عدل و خير؟
المحور الأول:
أشكال العنف:       ما طبيعة العنف؟
أفرز التاريخ البشري أشكالا متعددة من العنف، يمكن أن نميز ضمنهما بين نوعين، هما: العنف الجسدي و العنف الرمزي. كلاهما يمارس بطرق و وسائل متعددة تتطور باستمرار بقدر تطور العلم و التقنية. و ليس بديهيا أن تكون هذه الأشكال دائما ظاهرة، ذلك  أن العنف يتحقق أيضا من خلال أشكال متخفية مثلما هو الأمر في << نقص التغذية>> كما يشير إلى ذلك الفيلسوف الفرنسي إيف ميشو. يرى هذا الأخير أن إنتاج وسائل العنف يشمل << وسائل التسليح الفردي كما يشمل وسائل التخريب الجماعي>>.
و بما أن هذه الوسائل أصبحت في متناول الكل: أفرادا، جماعات، دولا، فإن العنف يصير أكثر فتكا. كما أنه أضحى أكثر اتصالا بالإعلام، على اعتبار أن هذا الأخير يسخره عن طريق نشره أو السكوت عنه. و يخلص هذا الفيلسوف إلى أن << تطبيق التقدم التقني  و العلمي على استعمال العنف و على كيفية تدبيره يمكننا من فهم.
أ- الفعالية المضاعفة التي تم التوصل إليها فيما يخص أشكال التحطيم و التخريب . فإبادة مجموعة بشرية ما. و إبادة مزروعات، و تهديد حياة الملايين من الناس تتطلب وسائل و تنظيما لم يسبق له مثيل.
ب- من حيث إن العنف أصبح قابلا للحساب و التحكم فإنه يمكن أن يحقق مردودية حيث أصبح من الممكن فرض السيطرة بواسطة التعذيب و القمع و التهديد به>>. فهل معنى هذا أن العنف هو ما يشكل ماهية الإنسان؟ هل الإنسان كائن عنيف بطبعه؟ هل يوجد العنف في طبيعة الإنسان؟ هذا السؤال يطرح نفسه بالنظرإلى قدم الظاهرة و استمرارها عبر التاريخ البشري، و هو يتعلق بما إذا كان الإنسان شغوفا بالتدمير؟ من يجيب الفيلسوف و عالم الإجتماع و المحلل النفساني الألماني إيريك فروم عن هذا السؤال بالقول:<< إن دراسة بعض الظواهر الإجتماعية و الطقوس الشعائرية القديمة قد توحي بأن النزعة التدميرية لها جدورها النظرية في طبيعة الإنسان . إلا أن التحليل المعمق لدلالات هذه الظاهرة ، يثبت أن كل الممارسات التي تؤدي إلى التدمير ليست ناتجة بالضرورة عن < شغف بالتدمير> . بالتالي فإن التدمير ليس سلوكا ينتج بصفة عملية عن غريزة تدميرية توجد في طبيعة الإنسان بقدر ما ينتج  عن دوافع ونزعات ليس من الضروري أن تكون طبيعية وذات علاقة بالممارسات والشعائر الطقوسية الدينية . يترتب عن ذلك أن الطبيعة البشرية ليست هي التي تولد العنف وإنما هناك < طاقة تدميرية كامنة تغديها بعض الظروف الخارجية والأحداث المفاجئة هي التي تدفع به إلى الظهور> .
وأما المقصود بالعنف الرمزي فهو مختلف أشكال العنف غير الفيزيائي القائمة على الحاق الأذى بالغير بواسطة الكلام أو اللغة أو التربية أو العنف الذهني ، وهو يقوم على جعل المتلقي يتقبل هذا العنف <<اللطيف>> مثال ذلك العنف الرمزي الذي تقوم به الإديولوجيا من حيث هو عنف لطيف وغير محسوس . يعرف عالم الإجتماع الفرنسي المعاصر بيير بورديو هذا الشكل من العنف بالقول أنه هو ذلك الذي < يمارس على فاعل اجتماعي ما بموافقته > وبلغة أخرى < فإن الفاعلين الإجتماعيين يعرفون الإكراهات المسلطة عليهم وهم حتى في الحالات التي يكنون فيها خاضعين لحتميات يساهمون في إنتاج المفعول الذي يمارس عليهم نوعا من التحديد و الإكراه> و بالنظر إلى أن هذا العنف رمزي فإنه يمارس بوسائل رمزية، أي التواصل و تلقين المعرفة.
المحور الثاني:
  العنف في التاريخ:          كيف يتولد العنف في التاريخ البشري؟
 يتحدد وجود كل مجتمع بشري – حسب ماركس- بوجود صراع بين طبقتين اجتماعيتين، الأولى تمتلك وسائل الإنتاج و الأرض و الثانية لا تمتلكها.
و ذلك منذ أقدم المجتمعات البشرية و أكثرها بدائية إلى المجتمعات الرأسمالية المتطورة . و هكذا ، فإن صراع الطبقات الإجتماعية يمكن أن يتخذ أشكالا فردية لا واعية عند الأفراد أنفسهم، كما قد يتخذ طابع صراع نقابي أو سياسي أو إيديولوجي واضح المعالم.
كتب الفيلسوف الألماني كارل ماركس في هذا السياق السابق: <<نلاحظ أنه منذ العصور التاريخية الأولى كان المجتمع في كل مكان مقسما إلى طبقات متمايزة ... ففي روما القديمة كان هناك سادة و فرسان، وأقنان و عبيد، و في العصور الوسطى كان هناك سادة و شرفاء، و سادة الحرف، و الحرفيون العاديون و أقنان، كما أن هناك داخل كل طبقة من هذه الطبقات سلم تراتبي خاص>> و قد أصبح الصراع الطبقي في المجتمع الرأسمالي بين البرجوازية و البروليتاريا.
و بالمقابل يرى المفكر الفرنسي روني جرار أن أساس العنف هو تنافس الرغبات ، و ذلك أن الرغبات الإنسانية تخضع لقانون المحاكاة،أي كرغبات في ما يرغب به الأخرون،<<كلما كانت رغبة الأخرين  (في شـيء ما) قوية و شديدة كانت رغبتي أنا أيضا قوية و شديدة (فيه). ينتج عن ذلك احتمال اندلاع العنف.
وهكذا فإن الصراع الإنساني يتولد عن صراع أو تنافس بين الرغبات. و إذا صح أن الرغبات تتشكل و تتطور من خلال المحاكاة، فإن العنف سيكون معديا من خلال انتشاره في الجماعة من فرد إلى أخر. و دواء هذا المرض المعدي هو القتل.
و  هذا الطرح يرجع بنا إلى تصور الفيلسوف الأنجليزي الحديث طوماس هوبز حول جذور العنف الذي يعتقد فيه أن مصدر هذا الاخير  ثلاثي، و يتمثل في: التنافس، الحذر ، الكبرياء، و هي أسباب توجد في الطبيعة الإنسانية. الأول يجعل الهجوم وسيلة لتحقيق((المنفعة))، الثاني وسيلة ((للأمن)) و الثالث وسيلة لحماية ((السمعة)).
على أن العنف له صلة أيضا بالتقديس و بالحقيقة، فهو يشكل إلى جانبهما << الأركان الثلاثة لكل تراث مشكّل و مشكّل للكينونة الجماعية>> كما سماها المفكر العربي محمد أركون الذي يشرح هذه العلاقة على نحو ما يلي:<< الجماعة مستعدة دوما للعنف من أجل الدفاع عن حقيقتها المقدسة. الإنسان بحاجة إلى عنف، و تقديس، و إلى حقيقة لكي يعيش و لكي يجد له معنى على الأرض. العنف مرتبط بالتقديس و التقديس مرتبط بالعنف و كلاهما مرتبطان بالحقيقة أو ما يعتقد أنه الحقيقة. و الحقيقة مقدسة و تستحق بالنسبة لأصحابها، أن يسفك من أجلها دم >>.
 المحور الثالث:
 العنف و المشروعية:   هل يمكن الإقرار بمشروعية العنف من زاوية الحق و القانون و العدالة؟
يرى عالم الإجتماع الألماني ماكس فيبر أن جوهر السلطة هو ممارسة العنف، و أنها وحدها تملك الحق و المشروعية في استعماله. من أين ينبع هذا الحق أو المشروعية؟ إنهما يرتدان إلى التعاقد الإجتماعي الذي بموجبه يتنازل الشعب للدولة عن حق استعمال العنف على أساس  نظام سياسي حديث يتميز بتقسيم السلط و مراقبتها لبعضها و بإجراء انتخبات بصورة منتظمة من أجل تشكيل هذه السلطة. و بالتالي يصبح العنف مرتبطا بالدولة الديموقراطية الحديثة  التي تضبط العنف و تحتكر استعماله. و يستشهد م.فيبر في هذا الصدد بقولة تروتسكي : << الدولة هي كل جهاز(حكم) مؤسس على العنف>> و هذه هي ميزة عصرنا الحالي، بحيث أنه لا يحق لأي كان استعمال العنف إلا عندما تسمح الدولة بذلك . فهذه الأخيرة << تقوم على أساس استعمال العنف المشروع >> و ستكون السياسة هي ((مجموع الجهود المبذولة من أجل المشاركة في السلطة أو من أجل التأثير على توزيع السلطة)).
لكن هل استخدام العنف حق مشروع لكل أشكال الدولة بما فيها الدولة الاستبدادية أم هو حق فقط للدولة القائمة على أساس ديموقراطي حديث؟
الإجابة عن هذا السؤال بالقول: إن عنف الدولة لا يكون مشروعا إلا عندما تكون هذه الدولة قائمة على أساس مشروع أي على التمثيلية، الإنتخابات، الحريات العامة، التعدديةالسياسية، و تداول السلط، و فصل السلطة. لكن يفترض هنا ان العنف هو الوسيلة الوحيدة للقضاء على العنف أي مواجهة القوة بالقوة. و ضد هذه الفكرة يطرح غاندي ((المفكر)) و الزعيم الهندي الشهير أن العنف رذيلة، و إذا كان العنف قانونا حيوانيا، فإن اللاعنف هو القانون الذي يحكم البشر. و يعرف هذا الأخير على نحو ما يلي:((الغياب التام للإرادة السيئة تجاه كل ما يحيى)) إنسانا كان أم حيوانا أم نباتا، << هو إرادة طيبة تجاه كل ما يحيى>> الصداقة ستكون حلا لمشكلة العنف، إذا أصبحت عامة بين الأفراد و الأمم. و ذلك ليس فيه تخلّ عن الصراع الإنساني، بل على العكس من ذلك فاللاعنف مناهض للشر لكن بوسائل الخير. إن القوة الحقيقية بهذا المعنى هي قوة الروح التي تستطيع أن تنجح في جعل اللاعنف ينتصر على العنف و السلام على الحرب و القوة الروحية على القوة الفزيائية.

مفهوم الدولة

مفهوم الدولة
تقديـم إشكالـــي :
بما أن السياسة هي السعي إلى امتلاك السلطة و فرض الطاعة و تدبير الشأن العام و تنظيم العلاقات بين الأفراد بواسطة هيئات و مؤسسات تستخرها لذلك و بما أن السياسة ترتبط بالدولة باعتبترها أعلى سلطة فمن أين تستمد الدولة إذن مشروعيتها؟ هل من الحق أم من القوة؟ وهل تنحصر السلطة السياسية في أجهزة الدولة أم تشمل المجتمع ككل؟و كيف تمارس سلطتها ؟ هل باعتماد العنف و البطش أم باعتماد القانون و الحق؟ و ماهي طبيعة العلاقة بين القانون و العدالة ؟ هل ترتبط العدالة بالحق الطبقي أم بالحق الوضعي؟ هل العدالة أساس الحق أم الحق أساس العدالة؟ هل تستطيع العدالة تحقيق المساواة  و الإنصاف  لجميع أفراد المجتمع ؟
 مشروعية الدولة و غاياتها:
من أين تستمد الدولة مشروعيتها و ماهي غاياتها؟
نص : ماكس ڦيبر:
إشكال النص: ماهي الأسس التي تستمد منها الدولة مشروعيتها ؟
أطروحة النص : يحدد ماكس ڦيبر ثلاثة أسس تستمد منها الدولة مشروعيتها :  مشروعية مستمدة من سلطة الماضي أي السلف .
البنية الحجاجية : يوظف النص أسلوبا حجاجيا يعتمد آلية العرض والتفسير و التميز بالإضافة إلى التأكيد و الإثبات حيث يؤكد أن الدولة تستمد مشروعيتها من ثلاثة أسس )الماضي، كاريزمية الحاكم، و الشرعية القانونية (.
نص : طوماس هوبس :
الإشكال : كيف نشأت الدولة و ما هي غاياتها ؟
أطروحة النص: يؤكد طوماس هوبس أن نشأة الدولة نتيجة لميثاق و تعاقد إداري حر بين الأفراد تم بمقتضاه تنازلهم عن بعض حقوقهم الطبيعية و حريتهم المطلقة مقابل تحقيق الأمن و استقرارهم و ضمان حريتهم من طرف شخص أو مجلس يجسد إرادات الجميع ينظم شؤونهم و يضمن السلم و الامن و يحافظ على حقوق الجميع و يشترط فيه أن يكو ن قويا مستبدا كالتنين حتى لايجرؤ أي أحد على خرق الميثاق المتعاقد عليه و عصيان أوامره خشية منه ، وبذلك نشأت الدولة بهدف ضمان الأمن والإستقرار و السلم.
البنية الحجاجية: يوظف النص أسلوبا حجاجيا يعتمد آلية التأكيد و الإثبات و المقارنة بين حالة الطبيعة المتوحشة حيث سيادة الخوف و العنف و حالة التمدن حيث سيادة القانون و الأمن و الإستمرار.
نص: باروخ سبينوزا:ماهي غاية الدولة و مقاصدها؟
أطروحة النص: يؤكد سبينوزا أن غاية الدولة القصوى هي تحرير الأفراد و الحفاظ على أمنهم و تمكنهم من ممارسة حقوقهم الطبيعية و حمايتهم من كل أشكال العنف و التسلط و تنمية قدراتهم الجسدية و الذهنية شريطة عدم إلحاق الضرر بالآخرين و الإمتثال لسلطة الدولة  و عدم الخروج عن التعاقد و المواثيق  المتفق عليها و يشترط  في هذه الدولة أن تكون ديموقراطية تضمن العدل و المساواة و الحرية للجميع و تحافظ على الأمن و السلم.
البنية الحجاجية: يوظف النص أسلوبا حجاجيا يعتمد آلية العرض و التفسير و التوضيح و التأكيد و الإثبات فهو يؤكد على أن الهدف الأساسي للدولة و الغاية من نشأتها هو تحرير الناس من خوفهم و ضمان أمنهم و حريتهم و الحفاظ على حقوقهم و تحقيق العدل و المساواة فما هي إدن طبيعة السلطة و مرتكزاتها و ما هي طبيعة السلطة السياسية؟
  طبيعة السلطة السياسية:
ماهي طبيعة السلطة السياسية ؟ و ماهي أسسها و مرتكزاتها؟
نص: مونتسكيو:
الإشكال: ما هي أنواع السلط ذاخل الدولة و ما هي طبيعة العلاقة بينهما؟
أطروحة النص: يبين مونتسكيو أن الدولة الحديثة تتوزع فيها السلط إلى ثلاثة أنواع:
سلطة تشريعية: تشرع القوانبن أو تعدلها أو تبطلها.
سلطة قضائية: تنظر في الخلافات بين الناس و تسهر على ضمان حقوقهم.
سلطة تنفيدية: تقوم بتنفيد القوانين و تطبيقها ، ويشترط مونتسكيو لضمان أسس الدولة و استمراريتها و للحفاظ على حقوق المواطنين الفصل بين هذه السلط و استقلالية كل منهما عن الآخر لأن احتكارها من طرف شخص أو مؤسسة يهدد استمرار الدولة و أمنها كما يهدد حقوق المواطن .
البنية الحجاجية : يوظف النص أسلوبا حجاجيا يعتمد آلية العرض و التفسير و التوضيح .
الإشكال: هل تنحصر السلطة في مؤسسات و بنيات أم أنها تتخلل جميع مجالات المجتمع ؟
أطروحة النص: ينتقد فوكو التصور الذي يحصر السلطة في مؤسسات و بنيات ليؤكد أن السلطة ملازمة لعلاقات القوى المتعددة ذاخل المجتمع فهي تعم جميع مجالاته و بذلك فهي مجموع استراتيجيات معقدة داخل المجتمع.
استنتاج تركيبي: إدا كان مونتسكيو قد انطلق من تحديد أنواع السلط التي تتوزع داخل المجتمع و حددها في ثلاثة أنواع: السلطة التشريعية، التنفيدية و القضائية و أكد على أن العلاقة بين هذه السلط يجب أن تكون علاقة انفصال و استقلال ضمانا لأمن الدولة و حقوق المواطن لأن احتكار هذه السلط يؤدي إلى الطغيان و تدمير الدولة و تهديد أمن المواطن لذلك فالسلطة في رأيه تتجسد في مجموعة من المؤسسات و الهيئات ) المحاكم ، الشرطة، الجيش.......(أما بالنسبة لفوكو فهو ينطلق من منظور سياسي اجتماعي ليفند و ينتقد هذا التصور و ليؤكد خلافا لذلك أن السلطة لا تنحصر في مؤسسات و هيئات و بنيات بل تتجسد في مجموع العلاقات بين القوى المتصارعة داخل المجتمع و في جميع مجالاته فهي وضعية استراتيجية معقدة فمن أين تستمد الدولة سلطتها إدن و تمارسها هل اعتمادا على القوة و العنف أم على الحق و القانون؟
الدولة بين الحق و العنف:
كيف تمارس الدولة سلطتها ؟ هل استنادا إلى القوة و العنف أم الحق و القانون؟
الإشكال: ما هي الوسائل التي يمكن أن تلجأ إليها الدولة لتمارس لسطتها و تحافظ عليها؟
أطروحة :يؤكد ماكياڦيل أن السياسة هي مجال الصراع بين الأفراد و الجماعات مما يؤدي إلى اللجوء إلى جميع الوسائل المشروعة و غير المشروعة فالحاكم أو الأمير يجب أن يكون على أهبة الإستعداد لتوظيف جميع الأساليب، فعليه أن يكون قويا كالأسد و ماكرا كالثعلب حسب مقتضيات الظروف و مجريات الأحداث، كما يمكنه أن يلجأ إلى القوانين و الأخلاق إدا كان ضمان السلطة يتطلب ذلك، و هكذا تصبح جميع الوسائل مباحة لضمان السلطة و ممارستها فالغاية تبرر الوسيلة.
نص: فريديريك انجلس:
الإشكال: هل يمكن اعتبار الدولة نتاج للصراع الطبيعي و هل تمثل الطبقة المسيطرة؟
أطروحة: ينطلق أنجلس من منظور مادي تاريخي ليبين أن الدولة ليست مفروضة من طرف سلطة خارج المجتمع، بل هي نتيجة للصراع الطبقي داخله فهي تعبير عن تضار ب المصالح بين الطبقات الاجتماعية ووجود الدولة ضرورة للتخفيف من حدة هذا الصراع و الحفاظ على النظام إلا أن الدولة تجسد مصالح الطبقة السائدة المهيمنة القوية اقتصاديا و سياسيا، مما يجعلها تلجأ إلى أساليب القمع و الإضطهاد و الإستغلال للحفاظ على داتها و استمراريتها
استنتاج: إذا كان ماكياڦيل قد اعتبر أن السياسة مجال للصراع من أجل السلطة و بالتالي فالحفاظ على هذه السلطة و ممارستها يحتم على الأمير أو الحاكم أن يلجا إلى جميع الأساليب و الوسائل المشروعة أو غير المشروعة فعليه أن يختار الأسلوب المناسب لكل ظرف كالقوة و العنف و الحكم و الخداع و الحق و القانون لأن الغاية تبرر الوسيلة.
 -أما أنجلس فإنه قد انطلق من تصور تاريخي مادي ليبين كيف أن الدولة هي وليدة الصراع الطبقي و أن وجودها يحتمه الحفاظ على النظام و التخفيف من حدة هذا الصراع إلا أن الدولة تظل مجسدة لمصالح الطبقة السائدة المهيمنة التي تملك وسائل الإنتاج و أن زوالها مشروط بزوال الطبقات الإجتماعية و تحقيق المساواة و العدل و الملكية المشتركة لوسائل الإنتاج.

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More